«برنامج تدريبي مجاني لرصد وتصنيف طيور البحر الأحمر من قبل الطاقة الجديدة والمتجددة»

«برنامج تدريبي مجاني لرصد وتصنيف طيور البحر الأحمر من قبل الطاقة الجديدة والمتجددة»

تشهد شواطئ البحر الأحمر في هذه الأيام هجرة مبكرة لأسراب الطيور المهاجرة، حيث تقترب بداية فصل الخريف، وهو حدث بيئي يتكرر مرتين في السنة خلال فصلي الربيع والخريف، وقد تحولت سماء البحر الأحمر إلى لوحة فنية رائعة رسمتها أسراب الطيور القادمة من سهول روسيا وغابات أوروبا، متجهة نحو قلب إفريقيا، بينما تستعد الطبيعة لوداع الصيف واستقبال الخريف، يترقب باحثو البيئة في محميات البحر الأحمر هذه الهجرة، حيث يسعون لمتابعة رحلات الطيور لضمان سلامتها وأمانها، وقد انطلقت آلاف الطيور في رحلة طويلة تعبر القارات والبحار، مما يجعل شواطئ وجزر البحر الأحمر محطة رئيسية للراحة والتزود بالطاقة قبل استكمال مسارها جنوبًا.

وقد رصدت “إقرأ نيوز” وصول أول أسراب اللقلق الأبيض هذا العام إلى سماء وشواطئ البحر الأحمر، حيث غطت أسرابها سماء وشواطئ مناطق جبل الزيت ورأس غارب والغردقة، في مشهد جذب انتباه السائحين والعاملين في السياحة البيئية، الذين حرصوا على توثيق هذا العبور بعدسات الكاميرات، لم يكن هذا المنظر مجرد حدث عابر، بل يعكس دورة حياة متجددة تعكس العلاقة الوثيقة بين الطبيعة والإنسان، وفي الوقت الذي تستعد فيه الطيور لمتابعة رحلتها جنوبًا نحو إفريقيا، تبقى صور أسراب اللقلق الأبيض وهي تحلق فوق الجبال والسواحل ذكرى حية، تؤكد أن الطبيعة قادرة على إدهاشنا كل عام، وأن حماية هذه الظواهر مسؤولية مشتركة تتجاوز الحدود.

من جانبها، رفعت أجهزة وزارة البيئة ومحميات البحر الأحمر حالة التأهب مع بداية الموسم، حيث كثفت محميات البحر الأحمر وبرنامج رصد الطيور الحوامة بوزارة البيئة جهودهما لتأمين خط الهجرة، الذي يعد من أهم الممرات الطبيعية عالميًا، وتم تطبيق نظام الإغلاق المؤقت لمحطات توليد الكهرباء من طاقة الرياح المنتشرة على طول الساحل، تجنبًا لأي اصطدام أو تأثير على حركة الطيور، مع التأكيد على منع أي تعديات أو أنشطة تهدد هذه الكائنات، واتخاذ إجراءات قانونية صارمة في حال رصد مخالفات بيئية.

وأكد أيمن طاهر، أحد خبراء البيئة، أن البحر الأحمر يمثل جسرًا بريًا حيويًا يربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، حيث يتم رصد أكثر من 500 نوع من الطيور المهاجرة مرتين كل عام، خلال فصلي الربيع والخريف، وبينما يقضي اللقلق الأبيض وأنواع أخرى الشتاء في المناطق الرطبة بإفريقيا، فإن عبورها من فوق مصر، وخاصة البحر الأحمر، يظل علامة بارزة على خريطة الهجرة العالمية، حيث يشارك العاملون في محطات طاقة الرياح في عمليات المراقبة اليومية لمسارات الهجرة، مستخدمين أدوات الرصد البصري والتقني.

وأضاف طاهر أن أسراب هذه الطيور ليست مجرد كائنات عابرة، بل تمثل “مؤشرات حية” لصحة النظم البيئية، فالهجرة المنتظمة دليل على استقرار المناخ والنظم البيئية، فيما تعكس أي اضطرابات في أعدادها أو مساراتها تغيرات خطيرة قد تهدد التوازن البيئي، وقد تحولت لحظات عبور أسراب اللقلق الأبيض إلى عنصر جذب سياحي وثقافي، حيث يتابع السياح الأجانب على شواطئ الغردقة هذه الطيور أثناء تحليقها في تشكيلات مدهشة.

وأكد الدكتور أحمد غلاب، مدير عام محميات البحر الأحمر، أن جزر البحر الأحمر تلعب دورًا حاسمًا في رحلة الطيور المهاجرة، فهي تمثل محطات استراحة طبيعية بسبب خلوها من السكان، وأن هذه الجزر، بدءًا من الجزر الشمالية حتى جزر وادي الجمال “حماطة” ومنطقة علبة، مصنفة كمناطق هامة للطيور (IBS)، إذ توفر بيئات آمنة للتعشيش وتستضيف أنواعًا مهددة بالانقراض، وتزداد أهمية هذه الجزر كونها تعزز التنوع البيولوجي، وتؤكد على القيمة العالمية للبحر الأحمر كواحد من أبرز مناطق الهجرة في العالم، وأن دراسة مسارات الهجرة تمنح الباحثين فرصة لفهم التغيرات المناخية بشكل أدق، إذ أن الطيور مخلوقات حساسة جدًا للتقلبات البيئية، كما أن وجودها يعزز من دور الطبيعة في الحفاظ على التوازن البيئي، فهي تقوم بدور “عمّال نظافة” طبيعيين للبيئة، وتحد من انتشار الحشرات، وتساهم في استقرار النظم الزراعية والبرية، وإن هجرة الطيور تبقي حدثًا بيئيًا وسياحيًا وعلميًا في آن واحد، يعكس ثراء البحر الأحمر وتنوعه الطبيعي.