وزير الخارجية: استهداف البعثات الدبلوماسية المصرية يهدد الوحدة الوطنية ويعمق الانقسام الداخلي

وزير الخارجية: استهداف البعثات الدبلوماسية المصرية يهدد الوحدة الوطنية ويعمق الانقسام الداخلي

أشار السفير الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة، إلى أن الاعتداء على البعثات الدبلوماسية المصرية لا يُعتبر مجرد تعبير عن احتجاج، بل هو اعتداء على السيادة الوطنية، وضرب للهوية الوطنية، وتشجيع على الانقسام الداخلي، وانحراف عن مسار النضال الحقيقي، مما يخدم أجندات لا تمت للوطن بصلة، هل من المقبول أن يهاجم مواطن مصري سفارة بلاده في الخارج؟ أليست هذه البعثات تمثل الدولة المصرية ويعمل بها مواطنون مصريون؟ إن الاعتداء عليها يصب في مصلحة من يسعى إلى تقويض دور مصر الإقليمي والإنساني، كما أنه يعد انتهاكًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي تلزم الدولة المضيفة بحماية البعثات المتواجدة بها، وبالتالي تمثل هذه الاعتداءات إخلالاً بأمن السفارات المصرية.

وفي مقال له نُشر بعنوان «مصر وغزة.. حين يُستهدف من يقف مع الحق»، اليوم الاثنين، أضاف أن الغضب من حصار غزة مشروع، بل هو واجب أخلاقي وإنساني، ولكن توجيه هذا الغضب نحو مصر يُعد قلبًا للحقائق وتزييفًا للوعي، فإسرائيل هي الطرف الذي يشن حربًا غير إنسانية على غزة، حيث قتلت أكثر من 62 ألف فلسطيني، وجرحت أكثر من 100 ألف، بينهم أكثر من 12 ألف طفل، مستخدمة أدوات القتل والتجويع، ومنع توفير الدواء والخدمات الطبية، واستهدفت المستشفيات والمدارس ودور العبادة والبنية التحتية.

واختتم وزير الخارجية مقاله بالقول إن استهداف السفارات المصرية بزعم حصار غزة هو قلبٌ للحقائق، وتزييفٌ للدور المصري الذي كان ولا يزال صمام أمان للقضية الفلسطينية، من يغلق بوابات سفارات مصر تاركًا المعتدي لا يدافع عن غزة، بل يهاجم من يقف معها، ويخدم أجندات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، إن الضغوط التي تتعرض لها مصر نتيجة لموقفها الداعم للقضية الفلسطينية ورفضها لتهجير الفلسطينيين أمر متوقع، والتصدي لذلك يتحقق بقوة مؤسسات وأجهزة الدولة، وقبل ذلك بوحدة الشعب المصري ووعيه، وإدراكه لحجم التحديات وصلابة جبهته الداخلية.

وفيما يلي نص المقال كما كتبه وزير الخارجية السفير بدر عبدالعاطي:

في خضم عدوان غير مسبوق يشن على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، وبينما تتصاعد آلة القتل ضد المدنيين العزّل، فوجئ الرأي العام الدولي بسلسلة اعتداءات طالت بعض السفارات المصرية في الخارج، بزعم أن مصر تحاصر القطاع وتمنع دخول المساعدات الإنسانية، تلك الادعاءات التي تفتقر إلى أي أساس واقعي، لا تصمد أمام الحقائق، وتكشف عن دوافع سياسية مشبوهة تخدم الاحتلال وتضلل الرأي العام العربي والدولي.

إن استهداف البعثات الدبلوماسية المصرية لا يُعتبر تعبيرًا عن احتجاج، بل هو اعتداء على السيادة، وضرب للذات الوطنية، وتشجيع على الانقسام الداخلي، وانحراف عن مسار النضال الحقيقي، بما يخدم أجندات لا تمت للوطن بصلة، فهل من الطبيعي أن يهاجم مواطن مصري سفارة بلاده في الخارج؟ أليست هذه البعثات تمثل الدولة المصرية ويعمل بها مواطنون مصريون؟ إن الاعتداء عليها يصب في مصلحة من يسعى إلى تقويض دور مصر الإقليمي والإنساني، كما أنه يعد انتهاكًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي تلزم الدولة المضيفة بمسئولية حماية البعثات المتواجدة بها، وبالتالي تمثل الاعتداءات إخلالاً بأمن السفارات المصرية.

الغضب من حصار غزة مشروع، بل واجب أخلاقي وإنساني، غير أن توجيه هذا الغضب نحو مصر يُعد قلبًا للحقائق وتزييفًا للوعي، فإسرائيل هي الطرف الذي يشن حربًا غير إنسانية على غزة، قتلت خلالها أكثر من 62 ألف فلسطيني، وجرحت أكثر من 100 ألف، بينهم أكثر من 12 ألف طفل، استخدمت أدوات القتل والتجويع، ومنعت توفير الدواء والخدمات الطبية، واستهدفت المستشفيات والمدارس ودور العبادة والبنية التحتية.

في المقابل، أبقت مصر معبر رفح مفتوحًا منذ اندلاع الحرب لتسهيل عبور المساعدات الإنسانية، والفلسطينيين قاصدي العلاج في مصر، أما الجانب الفلسطيني من المعبر، فقد خضع لاحتلال وسيطرة إسرائيلية، وتعرض للقصف عدة مرات، مما حال دون دخول الكثير من الشاحنات رغم جاهزية مصر.

ولم تكتفِ مصر بفتح المعبر، بل تجاوزت ذلك بتقديم دعم إنساني غير مسبوق، إذ دفعت بآلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات إلى قطاع غزة، مساهمةً بأكثر من 70٪ من إجمالي المساعدات الإنسانية التي وصلت إليه، كما نفذت عمليات إسقاط جوي للمساعدات، وخاضت مفاوضات شاقة مع الجانب الإسرائيلي لضمان مرور المساعدات الإنسانية للقطاع، وفي السياق ذاته، وفى خطوة تعكس التزامها العميق بالقضية الفلسطينية، استضافت القاهرة في ديسمبر 2024 المؤتمر الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، بمشاركة أكثر من 100 وفد دولي، في تأكيد واضح على ريادتها الإنسانية والدبلوماسية لصالح الشعب الفلسطيني، كما تعتزم مصر استضافة مؤتمر دولي من أجل التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة لتنفيذ الخطة العربية- الإسلامية لإعادة إعمار قطاع غزة فور التوصل لوقف إطلاق النار في القطاع.

موقف مصر من القضية الفلسطينية واضح وحازم؛ لا لتهجير الفلسطينيين، لا لتصفية القضية، لا للمساس بحقوق الشعب الفلسطيني، وفي المقابل، تسعى إسرائيل إلى تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية، كما أن التهجير يفتح الباب أمام موجات نزوح وهجرة غير شرعية غير مسبوقة، سوف تهدد أوروبا والعالم بأسره.

وعلى الصعيد السياسي، تضطلع مصر بدور محوري في جهود الوساطة الدولية، بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية، في مفاوضات صعبة ودقيقة بين إسرائيل وحركة حماس تهدف إلى التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وبحث ترتيبات ما بعد الحرب، بما يضمن إعادة إعمار القطاع دون تهجير أهله، هذه الوساطة ليست مجرد تحرك دبلوماسي، بل تعبير عن مسئولية تاريخية تتحملها مصر تجاه القضية الفلسطينية، وذلك في وقت يبدو فيه وجود حرص من جانب الائتلاف الحكومي الإسرائيلي على مواصلة الحرب.

ويبقى السؤال؛ من له مصلحة في تشويه صورة مصر؟ من يستفيد من تحويل الغضب الشعبي عن إسرائيل إلى مصر؟ إن استهداف السفارات المصرية يكشف دوافع سياسية داخلية، لا إنسانية، ويصب في مصلحة الاحتلال عبر تشتيت الضغط الدولي عنه، وتحميل مصر مسئولية جرائم لا ترتكبها.

الخلاصة أن استهداف السفارات المصرية بزعم حصار غزة هو قلبٌ للحقائق، وتزييفٌ للدور المصري الذي كان ولا يزال صمام أمان للقضية الفلسطينية، من يغلق بوابات سفارات مصر، تاركًا المعتدي، لا يدافع عن غزة، بل يهاجم من يقف معها، ويخدم أجندات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، إن الضغوط التي تتعرض لها مصر، على إثر موقفها الداعم للقضية الفلسطينية ورفضها لتهجير الفلسطينيين، هو أمر متوقع، والتصدي لذلك يتحقق بقوة مؤسسات وأجهزة الدولة، وقبل ذلك بوحدة الشعب المصري ووعيه، وإدراكه لحجم التحديات، وصلابة جبهته الداخلية.