عودة المدارس: أولياء الأمور يتحدون بصناديق الشنط القديمة وتوصيل جماعي لتخفيف الأعباء

مع اقتراب بداية العام الدراسي الجديد، تغيرت مشاهد الاستعدادات في بيوت المصريين، لم يعد «الشنطة الجديدة» و«الحذاء اللامع» جزءًا من الطقوس المعتادة، بعد أن فرض الغلاء واقعًا جديدًا على ملايين الأسر المصرية.
تقول «عبير حسن» وهي تخرج حقائب العام الماضي من الدولاب لتجهز أدوات أولادها: «المدارس قربت.. ومش هنشترى جديد»، مؤكدة أن الأولوية حاليًا للمصاريف الأساسية مثل الكتب والدفاتر والرسوم الدراسية
هذا المشهد تكرر في مناطق متعددة، حيث فضلت العديد من الأمهات الاكتفاء بـ«تجديد» الأحذية القديمة بدلاً من شراء جديدة، حتى لو كان ذلك على حساب رغبة الأطفال في الظهور بمظهر مختلف مع بداية العام، وتقول «سمر علي»، ربة منزل: «ابني قالي عايز جزمة جديدة.. رديت عليه: هتتلمع وتبقى زي الفل»
لم تتوقف هذه الظاهرة عند الملابس والأدوات، بل امتدت إلى المواصلات، حيث خرج باص المدرسة، الذي كان وسيلة مريحة لأولياء الأمور، من حسابات كثير من الأسر بعد ارتفاع الاشتراك الشهري، وظهر بديل من داخل الأحياء السكنية، حيث تلخص «نهال جابر» الفكرة بقولها: «كل جار يوصل عيال الجيران يوم»، مما حول الأمر إلى نظام «توصيل مشترك» يتقاسم فيه الأهالي المسؤولية ويقللون التكلفة
انتشرت مبادرات مشابهة عبر مجموعات «واتساب»، حيث تعرض كل أسرة جدولًا لمواعيد التوصيل، ليصبح مشهد «تبادل الأدوار» حلاً عمليًا يضمن وصول التلاميذ إلى المدرسة دون أعباء إضافية.
يفسر الدكتور سعيد صادق، الخبير الاجتماعي، هذه التصرفات بأنها عودة إلى ما يسميه «تكتيكات التحايل على الفقر»، وهي ممارسات عرفها المصريون منذ عقود، ويقول: «زمان كان فيه تبادل كتب وملابس بين الأسر، وتقليل نفقات الزواج بالاستغناء عن القاعات والولائم.. واليوم نشوف نفس العقلية مع إعادة استخدام الشنط والأحذية والاعتماد على التوصيل الجماعي»